الفتاوى الشرعية

2025-07-21 09:38:08

وجوب غسل الأعضاء مع وجود الجبيرة

السؤال: 784/ زاد المستقنع: كتاب الطهارة، المسح على الخفين:
جاء في زاد المستقنع:
"وجبيرة لم تتجاوز قدر الحاجة ولو في أكبر إلى حلها إذا لبس ذلك بعد كمال الطهارة"
ذكر في "الروض المريع" في حالة تجاوز الجبيرة قدر الحاجة مع خشية تلف أو ضرر بنزعها: (تيمم لزائد) ثم بعد ذلك في حالة لبس الجبيرة قبل كمال الطهارة قال: (لم يسمح ولو جبيرة فإن خاف نزعها تيمم).
ففي الحالة الأولى فهمتُ أنه يمسح على الجبيرة أثناء الطهارة بالماء ثم يتيمم لما زاد عن قدر الحاجة.
والسؤال ـ حفظكم الله ـ في الحالة الثانية: هل عليه أن يتوضأ أو يغسل لبقية الأعضاء إذا أمكن قبل التيمم، احتياطاً أو شرطاً، أم يكتفي بالتيمم فقط؟

أجاب الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ الحمد لله وحده وبعد:
قال الشيخ منصور في "الروض" في باب المسح على الخفين: (وَ) يمسحُ على (جَبِيرَةٍ) مشدودةٍ على كسرٍ، أو جُرْحٍ، ونحوِهما (لَمْ تَتَجَاوزْ قَدْرَ الحَاجَةِ) وهو موضِعُ الجُرحِ أو الكسرِ، وما قَرُبَ منه؛ بحيثُ يحتاجُ إليه في شَدِّها، فإنْ تعدَّى شدُّها محلَّ الحاجةِ؛ نَزَعها، فإن خَشِي تلفاً أو ضرراً؛ تيمم لزائدٍ) أي: الزائد عن الحاجة للجبيرة.
وهذا الكلام من الفقهاء بناء على ما كان عليه العمل سابقاً من طريقة وضع الجبيرة، وهو موجود لدى بعض المعالجين الشعبيين من استعمالهم في الجبيرة أعواداً تلف على موضع الكسر ويشد فوقها بخرقة ونحوها، ففي الغالب يمكن حلها وإعادتها.
وأما اليوم فصار يُستخدم الجبس ونحوه مما لا يمكن فكه إلا بعد شفاء الكسر، والزيادة على قدر الحاجة واقعة اليوم بسبب مبالغة بعض المستشفيات أو الأطباء في وضع الجبيرة على أكثر من قدر الحاجة.
فلذلك إذا كانت الجبيرة زائدة على محل الحاجة فإنه ينزع ما زاد، فإن خاف تلفاً أو ضرراً فإنه يمسح على الجبيرة ثم يتيمم للموضع الزائد عن محل الحاجة الذي لم يصله الماء.
ثم قال الشيخ منصور في مسألة لا علاقة لها بالسابقة: (ولو نوى جُنُبٌ رفْعَ حدثيه، وغَسَل رِجليه وأدخلهما الخفَّ، ثم تَمَّمَ طهارتَه، أو مَسَح رأسَه ثم لبِس العمامةَ ثم غَسَل رجليه، أو تيمَّم ولبِسَ الخفَّ أو غيرَه؛ لم يَمسح ولو جبيرةً، فإنْ خاف نَزْعها تيمَّم).
فقد اشترط الحجاوي في جواز المسح على الخفين وما في حكمهما ومنها الجبيرة أن يكون لبسهما بعد كمال الطهارة فقال: (من خف وجورب صفيق ونحوهما وعلى عمامة ....... وخمر نساء ......... في حدث أصغر وجبيرة ....... إلى حلها إذا لبس ذلك بعد كمال الطهارة).
ثم قيَّده البهوتي بأن يكون كمال الطهارة بالماء ليخرج التيمم بناء على اختيار الحجاوي الذي سيأتي في باب التيمم: أن التيمم مبيح لا رافع للحدث.
ثم ذكر الشارح ما يترتب على ترك لبس هذه الأشياء بعد كمال الطهارة، وذكر أربع صور فقال:
الصورة الأولى: (فلو غسل رجلاً ثم أدخلها الخف، خلع ثم لبس بعد غسل الأخرى) فهو هنا لبس الخف على الرجل اليمنى قبل غسل اليسرى، فيكون لبسها قبل اكتمال الطهارة، ولذلك قال: خلع ثم لبس بعد غسل الأخرى، ليكون ذلك بعد اكتمال الطهارة.
الصورة الثانية: (ولو نوى جُنُبٌ رفْعَ حدثيه، وغَسَل رِجليه وأدخلهما الخفَّ، ثم تَمَّمَ طهارتَه) فهو هنا لبس الخف قبل اكتمال الغسل للجنب.
الصورة الثالثة: (أو مَسَح رأسَه ثم لبِس العمامةَ ثم غَسَل رجليه) فلبس العمامة قبل أن يكتمل وضوؤه.
الصورة الرابعة: (أو تيمَّم ولبِسَ الخفَّ أو غيرَه) وهذه الصورة مبنية على ما قيَّده ـ سابقاً ـ من كون الطهارة لا تكون إلا بالماء وأن التيمم مبيح لا رافع.
والحكم في الصور الثلاث السابقة أنه لا يمسح كما قال الشيخ (لم يمسح) لأنه لبسها في الصورة الثانية والثالثة قبل اكتمال الطهارة وفي الصورة الرابعة لأن الطهارة لم تكن بالماء.
ثم ذكر الشيخ منصور الحكم في الجبيرة إذا كانت في جميع الصور السابقة مكان الخف، فقال:  (ولو جبيرةً، فإنْ خاف نَزْعها تيمَّم) يعني: حتى ولو كان الملبوس في الصور السابقة الجبيرة فإنه لا يمسح عليها؛ لأنه لبسها قبل اكتمال الطهارة ـ بناء على المذهب وهو اختيار الحجاوي والبهوتي في اشتراط ذلك للجبيرة ـ فيجب عليه نزعها ثم لبسها بعد اكتمال الطهارة، لكن إن خاف نزع الجبيرة فإنه يتيمم لذلك، ليكون لبسهما بعد طهارة.
وبناء على ما سبق فيظهر جواب سؤالك وهو أن بقية الأعضاء باقية على حالها من وجوب الغسل والتيمم إنما يكون لأجل الجبيرة التي لبست قبل اكتمال الطهارة أو لعدم الطهارة بالماء.
والله أعلم.
نشرت بتاريخ: الثلاثاء 23 / ١ / ٢٠٢٤ ـ 11/7/1445هـ.

مقالات ذات صلة