الفتاوى الشرعية

2025-07-21 09:39:12

تقييد قسمة الإجبار بالضرر

السؤال: 784/ الروض المربع: كتاب القضاء، القسمة:
جاء في الروض المربع:
"والضرر المانع من قسمة الإجبار: نقص القيمة بالقسمة" لماذا قيد القسمة بالإجبار؛ إذ من المعلوم أن قسمة الإجبار لا ضرر فيها، وأن القسمة التي يحصل فيها الضرر ونحتاج لمعرفة ضابطه: هي قسمة التراضي؟

أجاب الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ قال البهوتي في "الروض المربع": في باب القسمة عند كلامه عن قسمة التراضي: (فهذه القسمة ـ يعني قسمة التراضي ـ في حكم البيع) تجوز بتراضيهما، ويجوز فيها ما يجوز في البيع خاصة (ولا يجبر من امتنع) منهما (من قسمتها) لأنها معاوضة، ولما فيها من الضرر.
ثم استطرد البهوتي فقال: ومن دعا شريكه فيها إلى بيع أجبر، فإن أبى باعه الحاكم عليهما وقسم الثمن بينهما على قدر حصصهما؛ وكذا لو طلب الإجارة ولو في وقف.
ثم عاد البهوتي وبيَّن العلة في القسمة وهي ما أشار له سابقاً وهو الضرر فقال: والضرر المانع من قسمة الإجبار نقص القيمة بالقسمة، ومَنْ بَينهما دار لها علو وسفل وطلب أحدهما جعل السفل لواحد والعلو لآخر لم يجبر الممتنع.
ومحل الإشكال هو في العلة المانعة من الإجبار على القسمة في قسمة التراضي، فالبهوتي هنا اختار إحدى الروايتين عن الإمام أحمد وهو أن الضرر الحاصل من إجباره على قسمتها هو نقص قيمتها بعد القسمة، وهي رواية عن الإمام أحمد كما في رواية الميموني.
قال ابن أبي عمر في "الشرح الكبير": اختلفت الرواية في الضرر المانع من القسمة، ففي قول الخرقي، هو ما لا يمكن أحدهما معه الانتفاع بنصيبه مفرداً، فيما كان ينتفع به مع الشركة، مثل أن تكون بينهما دار صغيرة، إذا قسمت أصاب كل واحد منهما موضعاً ضيقاً لا ينتفع به، ولو أمكن أن ينتفع به في شيء غير الدار، ولا يمكن أن ينتفع به داراً، لم يجبر على القسمة أيضاً؛ لأنه ضرر يجرى مجرى الإتلاف.
والرواية الأخرى: أن المانع من القسمة هو أن تنقص قيمة نصيب أحدهما بالقسمة عن حال الشركة، سواء انتفعوا به مقسوماً أو لم ينتفعوا، قال القاضي: هذا ظاهر كلام أحمد؛ لأنه قال في رواية الميموني: إذا قال بعضهم: يقسم، وقال بعضهم: لا يقسم، فإن كان فيه نقصان عن ثمنه، بيع، وأعطى الثمن، فاعتبر نقصان الثمن، وهذا ظاهر كلام الشافعي؛ لأن نقص قيمته ضرر، والضرر منفي شرعاً ... الخ. أ.هـ.
وعليه: فالبهوتي بيَّن بهذه العبارة ـ محل السؤال ـ مقصودة بوجود ضرر عند إجبار أحد الشريكين صاحبه على القسمة مع أنها مبنية على التراضي، لا أن قسمة الإجبار وهي النوع الثاني يكون فيها ضرر والله أعلم.
نشرت بتاريخ: الثلاثاء 12 / 3 / ٢٠٢٤ ـ 2/9/1445هـ.

 

مقالات ذات صلة