الفتاوى الشرعية

2025-07-21 10:10:14

قول الإمام أحمد: القرض حال

السؤال: 911/ الفروع: كتاب البيع، القرض:
جاء في الفروع:
"قال الإمام أحمد: القرض حال وينبغي أن يفي أن يفي بوعده".
يكثر تداول الحنابلة لهذا النص عن الإمام أحمد من لدن ابن مفلح في الفروع (6 ـ 349) ومن جاء بعده كالمرداوي، وابن مفلح في "المبدع" والبهوتي، وغيرهم إلا أنني لم أعثر على هذا النص في كتب مسائل الإمام أحمد، فهل له وجود في كتب المسائل؟
ويستدلون بهذا النص على أن الإمام لا يوجب الوفاء بالوعد فهل يقوى هذا النص على إثبات رأي الإمام عدم وجوب الوفاء بالوعد، أم أن هناك ما هو أصرح منه؟

أجاب الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ الحمد لله وحده، وبعد:
فهذا السؤال له جانبان:
الجانب الأول: هل للنص الذي نقله ابن مفلح في "الفروع" عن الإمام أحمد وجود في كتب المسائل؟
فمن المعلوم أن كتاب الفروع من بين كتب المذهب قد حوى مسائل وتفريعات كثيرة في المذهب ليست في كتب المذهب الأخرى، ومعلوم ما وصفه به ابن عبد الهادي في: "الجوهر المنضد" فقال   هو مكنسة المذهب، سمعت ذلك من شيخنا أبي الفرج أ.هـ.
ومما اختص به كتاب الفروع ذكره مسائل عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لم تصل إلينا مما وصلنا من كتب المسائل، ومنها هذا النقل الذي ذكره في باب القرض، ولعله مصداق ما قاله المرداوي في مقدمة كتابه "تصحيح الفروع" (1/ 4) بعد أن أثنى على كتاب الفروع وما احتوى عليه علل ذلك بقوله: لأنه اطلع على كتب كثيرة ومسائل غزيرة أ.هـ ثم قال بعد كلام طويل (1/7) فإن هذا الكتاب جدير بالاعتناء به والاهتمام؛ لأنه قد حوى غالب مسائل المذهب وأصوله ونصوص الإمام أحمد أ.هـ.
ثم قال المرداوي ـ بعد ذلك ـ في وصف تصحيحه للفروع، وأن ابن مفلح اطلع على كتب لم يطلع عليها المرداوي فقال: فإن لم أجد في المسألة نقلاً ـ وما ذاك إلا لعدم الكتب التي اطَّلع عليها المصنف، ولم نطَّلع عليها ـ فإني أذكر المسألة بلفظ المصنف، وأدعها على حالها لعل من رآها ووجد فيها نقلاً أضافه إليها، وقد قال الله تعالى: (وتعاونوا على البر والتقوى) أ.هـ.
ومما يؤكد أن هذا النقل تفرد به ابن مفلح أن المرداوي في "الإنصاف" (12/341) لما ذكر قول الإمام أحمد ـ المشار إليه ـ لم ينسبه لأحد، إذ عادته ـ غالباً ـ نسبة أقوال الإمام أحمد لمن نقلها عنه من تلاميذه.
الجانب الثاني: هل يقوى هذا النص على إثبات رأي الإمام عدم وجوب الوفاء بالوعد، أم أن هناك ما هو أصرح منه؟
فنقول: نعم، يكفي للاعتماد عليه مع وجود دليل على أصل المسألة، فإن ابن مفلح في مقدمة كتابه "الفروع" فسَّر أقوال الإمام أحمد ودلالاتها، فمما قال (١/٤٥) و"أحب كذا" أو "يعجبني" أو "أعجب إلي" للندب أ.هـ.
إذن فلفظ الإمام في هذا النقل دال على الندب، أخذه الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ من أن الوفاء بالوعد من المندوبات التي وردت الأدلة من الكتاب والسنة في الحث عليها، والله أعلم.
أضاف الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ إتباعاً لما قررته في الجواب السابق حول اعتبار الفقهاء الحنابلة لما يذكره ابن مفلح في كتابه "الفروع" عن الإمام أحمد، فقد وجدت النص المذكور في السؤال مروياً عن الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ برواية يوسف بن موسى القطان، وأحمد بن الحسين النسائي نقلهما أبو بكر عبد العزيز بن جعفر (غلام الخلال) في كتابه "زاد المسافر" في الفقه على مذهب الإمام أحمد بن حنبل ـ رضي الله عنه ـ فقال في كتاب "القرض" (4/ 213)
باب القول في القرض حالاً: قال في رواية يوسف وأحمد بن الحسين في الرجل يقرض الرجل الدراهم إلى أجل، له أن يطالبه قبل ذلك؟
قال: القرض حالاً، ولكن ينبغي له أن يفي له بما وعده أ.هـ.
وقد تداول الحنابلة هذا الرواية بنصها، وبعضهم بمعناها انظر الإرشاد لابن أبي موسى (٢٣٤) وبعضهم نقل نص الإمام فقط كابن مفلح في "الفروع" ومن جاء بعده، والله أعلم.
نشرت بتاريخ: الجمعة 5 / 12 / ٢٠٢٤ ـ 14/6/1446هـ.

 

مقالات ذات صلة