الفتاوى الشرعية

2025-07-21 10:08:10

معنى إذن المرتهن في التصرفات

السؤال: 921/ كشاف القناع: كتاب البيع، الرهن:
جاء في كشاف القناع:
"(وتصرُّف راهنٍ في رهن لازم) أي: مقبوض (بغير إذن مُرتَهِن بما يمنع ابتداء عَقْده، كهبة، ‌ووقف وبيع، ورهن، ونحوه) كجعله عوضًا في صَداق أو طلاق (لا يصح)".
ثم قال بعدها:
"(وإن أَذِنَ) المُرتَهِن (فيه) أي: العِتق (أو في غيره مما تقدَّم) من الهبة، ‌والوقف، والبيع، والرهن، ونحوه (صح) التصرُّف المأذون فيه؛ لأن الراهن؛ إنما مُنع من مثل ذلك لتعلق حق المُرتَهِن، وقد أسقطه بالإذن (وبطل الرهن)".
قوله: "وإن أذن المرتهن" في التصرفات المذكورة، هل يشمل الإذن هنا الإجازة والتنفيذ للعقد الذي عقده الراهن، فتكون التصرفات منعقدة وتصحح بالإجازة؟ أم المقصود به فقط الإذن بالتصرفات قبل تصرف الراهن في الرهن بالعقود المذكورة؟

أجاب الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ الذي يظهر لي من السؤال أن السائل أراد أن يقيس الإذن هنا على تصرف الفضولي في تفريقهم بين ما كان سابقاً للإذن وما كان لاحقاً، وهذه المسألة ليست كتصرف الفضولي، فإن إجازة التصرف في ملك الغير على نوعين:
النوع الأول: تصرف الأجنبي الفضولي، وهذه لها أحكامها الخاصة.
النوع الثاني: ما للطرف الثاني فيه نوع ملك أو ملك غير تام، أو يمكن تسميته: التصرف المعلق بالإذن ومنه ما ورد في السؤال وهو تصرف الراهن في الرهن، فله حالتان:
الأولى: إن كان بغير إذن المرتهن فلا يصح بغير العتق، قال في "المقنع": تصرف الراهن في الرهن لا يصح إلا العتق فإنه ينفذ ويؤخذ منه قيمته رهناً مكانه، ويحتمل أن لا ينفذ عتق المعسر أ.هـ.
وقال المرداوي في "الإنصاف" (12/417): وإن كان تصرف الراهن بغير العتق، لم يصح تصرفه مطلقاً على الصحيح من المذهب، وعليه جماهير الأصحاب، قال المصنف هنا: وهو أصح، وجزم به كثير منهم، وقيل: يصح وقفه، إلى أن قال: وفي طريقة بعض الأصحاب، يصح بيع الراهن، ويلزمه ويقف لزومه في حق المرتهن، كبيع الخيار أ.هـ.
الثانية: إذا كان بإذن المرتهن للراهن في التصرفات المذكورة من هبة ووقف وبيع ورهن، ونحوها فالمذهب صحته مطلقاً، كما نقل عن "الإقناع" وشرحه.
وقال في "الإنصاف" (12/ 423): وإن أذن المرتهن له في بيع الرهن، أو هبته، ونحو ذلك، ففعل صح وبطل الرهن، بلا نزاع في الجملة أ.هـ.
والظاهر أنه لا يلزم منه أن يكون الإذن سابقاً للتصرف، عملاً بقاعدة: الإجازة اللاحقة للتصرف كالوكالة السابقة، ومن أمثلتها: إجازة الورثة الوصية بأكثر من الثلث أو الوصية لوارث، فإنها تصح   وإن كان الإذن لاحقاً.
وعليه: فالذي يظهر أن إذن المرتهن للراهن في التصرفات المذكورة، يشمل الإجازة والتنفيذ للعقد الذي عقده الراهن، فتكون التصرفات منعقدة وتصحح، إلا إذا كان إذن المرتهن مقيَّداً بما بعد الإذن دون ما قبله.
والله أعلم.

مقالات ذات صلة