الفتاوى الشرعية

2025-07-21 10:09:11

عبارة غير محررة في حاشية ابن عوض

السؤال: 921/ حاشية ابن عوض: كتاب الشهادات، الشهادة على الشهادة:
جاء في حاشية ابن عوض عند قول الماتن في شروط شهادة الفرع على الأصل: «الثالث» دوام عدالة الأصل والفرع إلى صدور الحكم، فمتى حدث من أحدهم قبله ما يمنعه، وقف. قوله:
"(ما يمنعه) أي: ما يمنع قبوله؛ من كفر، وفسق، وجنون، أما لو مات شهود الأصل أو الفرع قبل الحكم لم يمنعه، وإن مات شهود الأصل قبل أداء الفروع شهادتهم لم يمنع ذلك من أدائها، والحكم بها، وكذا إن عجز الأصول قبل الأداء؛ لأن جنونهم بمنزلة موتهم؛ كما في الشرح الكبير".
تعليل الشرح الكبير ينافي ما نقله أولا من أن طروء الفسق مبطل، وكذلك لم أفهم وجه ذكره في هذا الموضع، فليس المراد بالعجز هنا الجنون حتى يعلل للجنون؟!
والذي في الشرح الكبير أن جنون الأصل كموته لا تبطل به الشهادة، وهو قول آخر غير الذي في شرح المنتهى والإقناع والغاية وغيرها.
فهل يوجد سقط من المطبوع؟ أم أن الجملة متعلقة بشيء لم أفهمه؟

أجاب الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ الحمد لله وحده وبعد:
أولاً: راجعت النسخة الخطية لحاشية ابن عوض فوجدت العبارة كما في المطبوع ـ المنقول في السؤال ـ كما راجعت النسخة الخطية "للشرح الكبير" فوجدتها كما في المطبوع.
ثانياً: العبارة في "حاشية ابن عوض" غير محررة، فهو نقلَ الكلام المذكور، وأشار له بـ (ح ف) ومقصوده أن ذلك من كلام عثمان بن أحمد الفتوحي، ووجه عدم تحريره أمران:
أحدهما: وجود كلمة (وجنون) ضمن ما يمنع قبول الشهادة على الشهادة لعدم دوام عدالة الأصل والفرع.
حيث لم أجد أحداً من الحنابلة قبله أو بعده ذكرها، فإما أنها خطأ أو تصحيف؛ لأن العبارة المذكورة مرت بثلاث مراحل: نقلها أحمد ابن عوض عن عثمان الفتوحي ثم دونها في هامش نسخته من الدليل ثم قام ابنه أحمد بن أحمد بن عوض بجمع تعاليق والده وجمعها في كتاب، فمثل هذا النقل المتكرر مظنة الخطأ أو التصحيف.
وثانيهما: أن ابن عوض زاد ـ أيضاً ـ عبارة: (وكذا إن عجز الأصول قبل الأداء) وسيأتي بيان وجهها.
ثالثاً: النقل الذي ذكره ابن عوض سيكون مستقيما لو حذفنا العبارتين الزائدتين المشار إليهما وسيكون متوافقاً مع كلام ابن أبي عمر ومع كلام الموفق في "المغني" حيث قال الشيخ ابن أبي عمر في "الشرح الكبير":
فإن مات شهود الأصل أو الفرع، لم يمنع الحكم، وكذلك لو مات شهود الأصل قبل أداء الفروع شهادتهم، لم يمنع من أدائها، والحكم بها؛ لأن موتهم من شرط سماع شهادة الفروع والحكم، فلا يجوز جعله مانعاً، وكذلك إن جنوا؛ لأن جنونهم بمنزلة موتهم أ.هـ.
رابعاً: يظهر لك مما سبق أن تعليل صاحب "الشرح الكبير" للجنون مستقيم مع كلامه، لا مع كلام ابن عوض؛ لأن ابن عوض زاد عبارة: (وكذا إن عجز الأصول قبل الأداء) وتعليل "الشرح الكبير" كان لمسألة الجنون وأنه مثل الموت، وكلام ابن عوض قد يُفهم منه أنه تعليل لمسألة العجز، وهو غير صحيح.
وعلى كلٍ فالذي ظهر لي أن كلام ابن عوض هنا غير دقيق، كما ذكرت في (ثانياً) والله أعلم.
نشرت بتاريخ: الجمعة 1 / 11 / ٢٠٢٤ ـ 29/4/1446هـ.

مقالات ذات صلة