الفتاوى الشرعية

2025-07-21 09:50:04

وجه تسمية دم التمتع والقران فدية

السؤال: 890/ زاد المستقنع: كتاب المناسك، الفدية:
جاء في زاد المستقنع:
"باب الفدية ... وأما دم متعة وقران فيجب الهدي" من المعلوم أن أصل معنى الفدية في اللغة: "ما يعطى في افتكاك أسير أو إنقاذ من هلكة" فإطلاق اسم (الفدية) على الدم الواجب لترك واجب أو فعل محظور أمر ظاهر المناسبة في اللغة.
لكن ما وجه تسمية دم التمتع والقران فدية، مع أنه دم شكران لا دم جبران، أي: أن المتمتع لا يذبحه افتداء من عقوبة محظور ارتكبه أو واجب تركه؛ بل شكرا على تيسير الله تعالى له النسكين معا؟

أجاب الشيخ د. عبد الرحمن العسكر/ الحمد لله وحده وبعد:
أولاً: لم أجد أحداً من المفسرين أو الفقهاء سمى دم التمتع والقران فدية، وإنما يسمى هدياً كما سماه الله تعالى في كتابه: (فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي) وكذلك دم الإحصار سماه الله هدياً فقال: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) لكن العامة قد تسمي دم التمتع والقران فدية أو فدياً من باب التجوز.
ثانياً: قد يكون أشكل على السائل كلام الحجاوي عن دم التمتع والقران في باب الفدية، والحجاوي هنا سائر على سَنَن غالب الفقهاء في ذكرهم ذلك في باب الفدية، وعلى ما سار عليه الموفق في أصل الكتاب وهو المقنع، فلا يحسن به أن يخالف أصله في ترتيب المسائل.
وقد استنكر الشيخ محمد بن عثيمين ـ رحمه الله ـ في "الشرح الممتع" (7/174) هذا الفعل من الحجاوي فقال: قوله: «وأما دم متعة وقران، فيجب الهدي» المؤلف ـ رحمه الله ـ أدخل دم المتعة والقران بين المحظورات، وهذا من حيث التنظيم التأليفي فيه نظر، فينبغي أن يجعل كل صنف مع صنفه، والأمر في هذا سهل من حيث التنظيم، لكنه محل نظر من حيث الحكم؛ لأن دم المتعة ليس فدية ولا كفارة، بل هو دم نسك وشكر لله ـ تعالى ـ ولهذا سماه الله هديا وأبيح للإنسان أن يأكل منه أ.هـ.
وأرى أن كلام الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ محل نظر، فإن الحجاوي سار في ذكره لهذه المسألة على ما عليه غالب الفقهاء قبله من عقدهم باب الفدية، وذكرهم لأنواع الدماء في الحج، ويذكرون من بينها ما يجب بسبب الإحرام وما يجب بسبب الحرم، ودم المتعة والقران وجبا بسبب الإحرام، فهما دم شكران على نعمة إتمام النسك لا دم جبران بسبب الإخلال بالنسك، فلا يحسن ذكر أنواع الدماء المشروعة في الحج في باب، وفصل أحدها عنها.
وأيضاً: إنما سمي الباب (باب الفدية) مع اشتماله على دم التمتع والقران ودم الإحصار؛ لأنهم يسمون الأبواب بغالب مسائلها، والمسائل الغالبة في هذا الباب هي مسائل دماء الفدية الواجبة بسبب محظورات الإحرام، فتكلموا في هذا الباب عن دم التمتع والقران في المسائل المشتركة بين دم الفدية ودم الهدي.
ثم عقدوا باباً في آخر المناسك سموه (باب الهدي والأضحية) وتكلموا فيه عن مسائل الهدي المشتركة مع الأضحية، مما لم يشتمل عليه باب الفدية.
والله أعلم.
نشرت بتاريخ: الأحد 4 / 8 / ٢٠٢٤ ـ 29/1/1446هـ.

مقالات ذات صلة